لقد سمحت لنا دراسة موضوع إشكالية معيار التحقق في تحديد معنى اللغة عند الوضعية المنطقية بإستخلاص النتائج التالية: ـ إن فلسفة التحليل مبحث جديد في الفلسفة، لم تتضح معالمه إلا في القرن العشرين، وتعتبر الوضعية المنطقية أشهر اتجاهات الفلسفة التحليلية، نتجت هذه الفلسفة عن إهتمام الفلاسفة، والمناطقة بمسائل اللغة، والمشكلات التي تثيرها في الفلسفة والمنطق، مما أوجد فرع فلسفة اللغة الذي يهتم بمشكلات تتعلق باللغة وأهم المشكلات التي تتعلق باللغة مشكلة المعنى "Meaning" أو معيار المعنى في اللغة، حتى قيل أن الفلسفة هي تحليل للمعنى، وهذا قد يكون أول مهامها، إن لم يكن مهمتها الوحيدة، فنظرية المعنى هي أساس الفلسفة، وليست نظرية المعرفة كما إدعى "ديكارت" ـ عبرت الوضعية المنطقية عن تقليدين: 1ـ التقليد التجريبي الذي يولي التجربة الحسسية قيمة أساسية وصلبة في المعرفة، حيث تعود فكرة المعنى التي تأسست عليها فلسفة الوضعية المنطقية إلى أصول تجربية بحتة، إلى رائد المدرسة التجربية "دافيدهيوم" الذي يعد أول من رد الأفكار إلى أصولها التجريبية الحسية، وهو ما يبدو واضحا في تصور رواد الوضعية المنطقية للعلاقة القائمة بين اللغة والواقع، والذي تكون الأفكار على أساسه صورة عن موضوعات العالم الواقعي. 2ـ التقليد النظري للنموذج المنطقي الذي مثله "فريجه" و "راسل" و "فتغنشتاين" الذي غني بتوضيح أسس التحليل المنطقي، وخاصة نظرية الرسم المنطقي التي أقرها كتاب "رسالة منطقية فلسفية" لـ "فتغنشتاين"، والذي حدد الوظيفة الأساسية للغة، وهي الوظيفة التمثيلية، وفق معيار التحقق في المعنى، حيث إذا أردنا أن نكشف عما إذا كان الرسم صادقا أو كاذبا، يلزم أن نقارنه بالوجود الخارجي ومن ثمة ترسيم الحدود الفاصلة بين المعنى و اللامعنى وفق معيار التحقق في المعنى. وفي هذا يظهر تأثير كتاب "رسالة منطقية فلسفية" في الوضعية المنطقية فيمايلي: ـ المنطق خارج عن المعنى بالنظر إلى أن قضاياه لا تقول شيئا بخصوص الواقع ـ القضية يكون لها معنى إذا كان للأسماء دلالة، وإذا كانت مركبة تركيبا صحيحا ـ قضايا الميتافيزيقا ليس لها معنى، لأن الكلمات التي تكونها ليست لها دلالة
لتحميل الملف اضغط هنا:
تعليقات: 0
إرسال تعليق